بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسرى زين العابدين. رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة / عبدالقادر هاشم النشار ومحمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبدالعزيز أبوالعزم . نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 16/4/1995 أودع الأستاذ/ ................ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 28/3/1995 في الدعوى رقم 1503/2 ق طنطا والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وطلب الطاعن - في ختام تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار رقم 1846/1994 وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وعينت جلسة 15/5/1995 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى تداولت نظره على النحو الموضح بمحاضر الجلسات إلى أن قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 30/7/1995 وفى تلك الجلسة قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 6/8/1995 وصرحت بتقديم مذكرات خلال ثلاثة أيام - وبتلك الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بجلسة اليوم لتغير تشكيل الهيئة وفى آخر الجلسة قررت المحكمة النطق بالحكم، ومن ثم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن بصفته كان قد أقام الدعوى رقم 1503/2 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بطنطا بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 13/2/1995 طلبت فيها وقف تنفيذ القرار رقم 1846/1994 فيما تضمنه من تحديد السنة الدراسية التى يجب أن تكون عليها التلميذة ............ وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شارحاً دعواه أنه في 26/1/1995 علم بصدور القرار المطعون فيه والمتضمن مجازاته مع سكرتيرة المدرسة بالخصم من راتبها وإعادة الأوراق إلى مديرية التربية والتعليم لأعمال وجه التعليمات بشأن المرحلة الدراسية التى يجب أن تكون عليها التلميذة .......... واستطرد المدعى قائلاً أن هذا القرار صدر استناداً إلى أن سن التلميذة المشار إليها أقل من السن القانونى المحدد بالقرار الوزارى المنظم للإلتحاق بالمدارس الابتدائية.
وخلص الطاعن إلى أن الجهة الإدارية بدأت فعلاً في تنفيذ القرار حيث قامت بانزال الطالبة من الصف الثالث إلى الصف الثانى بالرغم من اجتيازها امتحان نصف العام بالصف الثالث.
وبجلسة 28/3/1995 قضت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن التلميذة ابنة المدعى من مواليد 3/11/1986 وأنها في 1/10/1992 كان سنها يقل عن ست سنوات بـ 33 يوماً، وأن إدراج إسمها بكشوف المقبولين بمدرسة شبين الجديدة تم دون العرض على لجنة أوراق وملفات الطلبة الجدد بالمدرسة وبالتفتيش على المدرسة المذكورة تبين وجود كشط في شهادة ميلاد التلميذة حيث تم تعديل تاريخ ميلادها من 3/11/1986 إلى 3/9/1986، وانتهت النيابة العامة إلى ثبوت التزوير قبل المتهمين ومنهم الطاعن والد التلميذة وارتأت النيابة مجازاة المتهمين إدارياً وبناء على ذلك صدر القرار المطعون فيه مما يجعله صحيحاً ومطابقاً للقانون بعد أن تم تنزيل التلميذة إلى الصف الثانى الذى تستحقه قانوناً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه صدر على غير أساس صحيح من القانون ذلك أنه إذا جاء قرار معيب وولد حقاً فإن هذا القرار يجب أن يستقر عقب مرور فترة من الزمن، ومن ناحية أخرى فإن الغش والتدليس الذى لا يجعل القرار حصيناً من الإلغاء هو الغش الصادر من المستفيد نفسه وأن المستفيد لا يضار من عمل غيره ومن ثم فلا يتصور أن تضار التلميذة من عمل ولى أمرها رغم أنها هى نفسها حسنة النية.
ومن حيث إن الثابت من الإطلاع على القانون رقم 139 لسنة 1981 بإصدار قانون التعليم والمعدل بالقانون رقم 223 لسنة 1988 يبين أنه نص في المادة (!5) منه على أن التعليم الأساسى حق لجميع الأطفال المصريين الذين يبلغون السادسة من عمرهم، وتلتزم الدولة بتوفيره لهم ويتولى المحافظون كل في دائرة اختصاصه إصدار القرارات اللازمة لتنظيم وتنفيذ الإلتزام بالنسبة للآباء وأولياء الأمور على مستوى المحافظة، كما يصدرون القرارات اللازمة لتوزيع الأطفال الملزمين على مدارس التعليم الأساسى في المحافظة ويجوز في حالة وجود إمكان النزول بالسن إلى خمس سنوات ونصف وذلك مع عدم الإخلال بالكثافة المقررة للفصل.
ويبين من النص المتقدم أنه ولئن كان التعليم الأساسى حق لجميع الأطفال الذين يبلغون السادسة من عمرهم، إلا أن القانون قرر استثناءاً من هذا الأصل وهو جواز النزول بالسن عند القبول في بداية المرحلة الابتدائية - من سن ست سنوات إلى سن خمس سنوات ونصف، ولما كان ذلك فإنه قبول بعض التلاميذ في بداية مرحلة التعليم الأساسى في سن يقل عن ست سنوات حتى خمس سنوات ونصف هو أمر جائز قانوناً وغاية ما هناك أن تكون شروط الكثافة المقررة للفصل متوافرة، وترتيباً على ذلك فإن التلميذة ابنة الطاعن وقد ولدت في 3/11/1986 تاريخ ميلادها الصحيح فإنها في 1/10/1992 كان سنها يزيد على خمس سنوات ونصف ويقل عن ست سنوات بنحو 33 يوماً، ومن ثم فإن قبول مثل تلك التلميذة - وفقاً لتاريخ ميلادها الصحيح في السنة الأولى الابتدائية من مرحلة التعليم الأساسى لا يكون فيه خروج على أحكام القانون خاصة وإن مسألة كثافة الفصل هى من الأمور التى تدخل في تقدير السلطة الإدارية والتى لا رقابة عليها طالما خلت من اساءة استعمال السلطة وأن القرارات الصادرة في نطاق هذه السلطة التقديرية تتحقق بمضى المدة القانونية.
ومن ناحية أخرى فإن التلميذة/ .......... وقد قبلت في السنة الأولى من مرحلة التعليم الأساسى في 1/10/1992 وإجتازت هذه السنة بنجاح ونقلت إلى السنة الثانية في العام الدراسى 92/1993 وقد اجتازتها أيضاً بنجاح ومن ثم نقلت إلى السنة الثالثة في العام الدراسى 93/1994 الأمر الذى يفيد أن ثمة مركزاً قانونياً جديداً نشأ واكتمل واكتسبت التلميذة بمقتضاه حقاً لا يجوز المساس به خاصة وأن نجاحها ونقلها إلى الصف الثانى ثم إلى الصف الثالث لم يكن ثمرة دخولها الصف الأول بسن أقل من السادسة ولكنه كان جهادها ومثابرتها ومذاكرتها، واجتياز امتحان الصف الأول ثم الصف الثانى الابتدائى ولم يكن ذلك نتيجة تغيير حدث في شهادة ميلادها بمعرفة آخرين.
ومن حيث إنه استناداً على ما تقدم كله فإن القرار الصادر من الجهة الإدارية بإنزال التلميذة ............. من الصف الثالث إلى الصف الثانى الابتدائى يكون غير صحيح قانوناً إذ ثبت من الأوراق على النحو الذى أشرنا إليه أن سنها وقت التحاقها بالصف الأول الابتدائى كان في حدود السن المسموح به قانوناً وثبت أنها اجتازت بنجاح امتحان الصف الأول ونقلت إلى الصف الثانى ثم امتحان الصف الثانى ونقلت إلى الصف الثالث الابتدائى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون غير قائم على أساس صحيح ويكون من المتعين إلغائه.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.