بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد وعادل محمود فرغلى وعبد القادر هاشم النشار والسيد محمد السيد الطحان نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الأحد الموافق 28/8/1994 أودعت هيئة قضايا الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4237لسنة 40قضائية عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" فى الدعوى رقم 6631لسنة 48قضائية بجلسة 23/8/1994 والقاضى بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من أثار.
وطلبت هيئة قضايا الدولة - للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض طلب وقف القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
كما أودعت هيئة قضايا الدولة فى ذات التاريخ الطعون أرقام 4234،4235،4236،4238 لسنة 40ق 6502لسنة 48ق، 7287لسنة 48ق على التوالى والمقامة من الدكتور/ ……..ز بصفته وليا طبيعيا على ابنته ……. و…….. بصفته طبيعيا على ابنته………و…………و………..و………….و………..بصفتهم أولياء طبيعيين على بناتهم القصر و……والتى قضت محكمة القضاء الإدارى فيها بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارة المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعون المشار إليها ارتأت فيه- للأسباب المبينة بالتقرير- الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعون المشار إليها أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/9/1994 حيث نظرت الطعون بالجلسة المذكورة وقررت الدائرة إحالة الطعون إلى هذه المحكمة لتنظرها بجلسة 2/8/1994، وبناء على الطلب المقدم من هيئة قضايا الدولة بتعجيل نظر الطعن قررت المحكمة نظر الطعن بجلسة 14/9/1994 حيث تم نظر الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قررت الدائرة ضم الطعون المذكورة إلى الطعن الماثل ليصدر فيها حكم واحد، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل- حسبما يتضح من الأوراق - فى أنه بتاريخ 29/7/1994 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 7287لسنة 48ق أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات طالبين فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من وزير التعليم بتحديد زى موحد للطلبات مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك تأسيسا على أن بناتهم وهن تلميذات بمدرسة شبين القناطر الثانوية الصناعية من التلميذات الملتزمات بالزى الإسلامى (الحجاب)وقد اصدر وزير التعليم قراره المطعون فيه متضمنا تحديد زى موحد يخالف الذى الإسلامى ويحظر على تلميذات المدارس الإعدادية والثانوية تغطية شعرهن فى المدرسة إلا بعد أن يتقدم ولى الأمر بطلب مكتوب بالنسبة لطلبة المدارس الإعدادية ويجوز أن يكون غير مكتوب بالنسبة للمدارس الثانوية وهو قرار يخالف حكم المادتين 2،46من الدستور الذى يجعل من الشريعة الإسلامية المصدر الأساسى للتشريع، كما يخالف المادتين 41،57من الدستور المتعلقة بالحرية الشخصية بوضعه قيودا على مجرد ستر الطالبة شعرها وذلك بتقديم طلب مكتوب أو غير مكتوب من ولى الأمر حسب الأحوال كما أقام المطعون ضدهم فى الطعون المنضمة الدعواى أرقام 7631 لسنة 48ق، 798 لسنة 48ق، 6502 لسنة 48قو 7287 لسنة 48ق طالبين الحكم لهم بذات الطلبات طبقا للأساس المشار إليه. وقد إجابة هيئة قضايا الدولة على الدعوى بمذكرة جاءتها أن مرفق التعليم يزاول نشاطه تحت رعاية الدولة التى تضع له الضوابط المنظمة له وتكفل تحقيق أهدافه ووسيلته فى ذلك هى القرارات الإدارية ومن المتعارف عليه منذ أن وجد هذا المرفق والتلاميذ والتلميذات يرتدون زيا خاصا به تنظمه كل مدرسة وتضع قواعده وشروطه ومن ثم فإن توحيد الزى لا يتعارض مع الحرية الشخصية فى ارتداء الملابس وعندما وجدت الوزارة أن ثمة تضاربا فى تفسير بعض العبارات التى وردت بالقرار رقم 113لسنة 1994 المطعون عليه فقد اصدر وزير التعليم القرار رقم 208لسنة 1994 الذى حرص على السماح لكل تلميذة بارتداء الحجاب وعدم منعها من دخول المدرسة بشرط التحقيق من علم ولى الأمر بذلك، بل أن القرار قد حث التلميذات على مراعاة الوقار والاحتشام فى الزى بما يتفق والقيم الأخلاقية للمجتمع.
وبجلسة 23/8/1994 أصدرت محكمة القضاء الإدارى "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" حكمها الطعنين والقاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأقامت قضاءها على أن "الدستور المصرى قد حرص على كفالة الحريات الشخصية وصونها، ومن بين هذه الحريات الشخصية حقه فى ظان يرتدى ما يشاء من ملابسه دون إلزامه بزى معين أو منعه من ارتدائه، وإذا كانت هذه الحريات لا تستعصى على التنظيم فإن تنظيمها لا يكون إلا بقانون يصدر من السلطة التشريعية، ومن ثم يمتنع على السلطة التنفيذية أن تتدخل فى مجال الحريات العامة بهدف تنظيم أى منها، لأن هذا المجال محجوز للمشرع وحده، كما لا تستطيع أن تتخذ أى إجراء قبل أن تصدر السلطة التشريعية القانون الذى يضع الضوابط والشروط التى تحدد دور السلطة التنفيذية فى هذا الخصوص، ومن ثم فإن القرار رقم 113لسنة 1994الصادر من وزير التعليم والقرار الذى أعقبه بالتعديل رقم 208لسنة 1994- وقد تضمنت أحكامهما قواعد تنظيمية مجردة بشأن الزى المدرسى الذى يتعين على تلاميذ المراحل الثلاث ارتداؤه أثناء الدارسة ورتبت على عدم ارتدائه جزاء عدم دخوله المدرسة- يكون قد قام بتنظيم إحدى الحريات الشخصية لفئة من المواطنين هم تلاميذ المدارس فيما هو محجوز أصلا للشارع وغريب على القانون لأن الحرمان من الحق فى التعليم لعدم ارتداء الزى المفروض جبرا عنهم يتعارض مع ما تضمنته المادة 18من الدستور من أن التعليم حق تكفله الدولة .. ومن ثم فإن صدور القرار المطعون من جهة غير منوط بها إصداره قانونا يعيبه بعيب جسيم ينحدر به إلى مرتبة العدم طالما كان منطويا على افتئات على سلطة أخرى هى السلطة التشريعية مما يجعله معدوم الأثر قانونا ولا يعدو أن يكون عقبة مادية لا تحول دون حق هؤلاء التلاميذ وأوليا أمورهم فى مباشرة حقوقهم وحرياتهم الشخصية.
ومن حيث ان مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الآتية:
أولا: أغمض الحكم عن تحديد نطاق الدعوى المطروحة متجاوزا طلبات الخصوم التى انحصرت فى التضرر من عدم السماح للتلميذ بارتداء غطاء الشعر إلا بناء على موافقة كتابية من ولى الأمر بينما تضمنت حافظة مستندات الحكومة صورة القرار رقم 208لسنة 1994والذى اكتفى بشرط علم ولى الأمر وأنه لا حرمان للتلميذات من دخول المدارس أو الانتظام فى الدراسة بسبب ارتدائهن هذا الغطاء الأمر الذى كان يتعين معه القضاء باعتبار الخصومة منتهية.
ثانيا: أن الحكم المطعون فيه لم يفصل فى الطلب المستعجل من ظاهر الأوراق وإنما فصل فى الدعوى متوغلا فى الموضوع منتهيا إلى اعتبار القرار معدوما لاغتصابه اختصاص السلطة التشريعية، ومع ذلك انتهى إلى وقف تنفيذ القرار وأمر بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة الإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
ثالثا: أغفل الحكم الطعين أوجه الدفاع الجوهرية المتعلقة بحق المؤسسات التعليمية فى تنظيم وإدارة مرفق التعليم تحقيقا للصالح العام وأن ترتيب المصالح ومن بينها المؤسسات التعليمية ومن اختصاص السلطة التنفيذية وليس السلطة التشريعية طبقا لنصوص الدستور.