يحتوى نص القانون على 85 مادة مقسمة إلى اربعة ابواب¡ يتضمن البعض منها عدة فصول¡ غير أن لنا نسجل ملاحظتان أوليتان الأولى شكلية لكنها لاتخلو من دلالة هى أن الفصل المتعلق بحقوق الاعضاء يتضمن مادتين فقط اى نسبة2.3% من القانون¡ اما الثانية فإن فلسفة القانون تقف على النقيض من المبادئ الأساسية التى أشرنا إليها أعلاه
يتكون الباب الأول من القانون من فصلين¡ الفصل الأول من القانون يحتوى على مادة واحدة معنونة بالتعريف بالنقابة وتنص على
تنشأ نقابة للمهن التعليمية تكون لها الشخصية الاعتبارية تضم المشتغلين بمهنة التربية والتعليم ¡ والذين سبق اشتغالهم بها¡
نتوقف عند هذا لنرصد ملاحظتين اساسيتين الأولى ان النقابة هنا لا يشكلها اصحاب الحق الأصيل فى تشكيلها وهم المعلمين ولكن تنشأ بقرار من السلطة وهنا تسلب السلطة من المعلمين حقهم الأصيل فى تكوين نقابتهم لتعطيه لجهة ما¡ ويصادر القانون الحق فى تشكيل نقابات أخرى فيستخدم النص القانونى لفظ المفرد نقابة وليس نقابات¡ ويحدد القانون الطبيعة السياسية لهذه النقابة فيقول تباشر نشاطها فى إطار السياسة العامة للاتحاد الاشتراكى العربى¡ والسؤال من لا يوافقون على سياسة الاتحاد الاشتراكى العربى كيف لهم أن يعبروا عن مصالحهم النقابية!!¡ ولأن المشرع انذاك كان يتصور أن الاتحاد الاشتراكى العربى هو تنظيم أبدى فلم يخطر بباله أن هذه المادة ستحيل التنظيم النقابى الموجود الان إلى تنظيم غير شرعى حيث أن الاتحاد الاشتراكى أصبح فى خبر كان ويستحيل العمل بالطبع فى إطاره إلا إذا كان المقصود من ذلك التبعية للسلطة اى كانت طبيعة تلك السلطة¡ إذن قد انتصر المشرع فى ذلك إلى فكرة نقابة للعاملين فى مهنة التعليم¡ وليس نقابة للمعلمين دون أن يضع أى اعتبار لأصحاب الشأن وهم جموع المعلمين.
اما الفصل الثانى من القانون فهو أيضا يتكون من مادة واحدة معنونة بأهداف النقابة وتتكون من ثلاث فقرات¡ كل فقرة تتكون من اربعة أجزاء وعلى الرغم من هذا التفصيل إلا أن الباحث لن يجد فى الفقرات أو الأجزاء السبب الأصلى والرئيسى الذى من أجله يشكل الناس نقاباتهم وهو الدفاع عن حقوقهم ورعاية مصالحهم ¡ غير انه من الضرورى لنا أن نقرا كيف ينظر القانون إلى حقوق الناس ومصالحهم فيتحدث القانون فى الفقرة الثالثة عن الحقوق باعتبارها خدمات كالخدمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والترفيهية ويتحدث عن رعاية المصالح بقوله المساعدة عند الحاجة!! ¡ ولأن الغرض من هذه النقابة ليس الدفاع عن مصالح أعضائها ولانها تنشأ فى إطار الاتحاد الاشتراكى العربى ولتحقيق أهدافه فهى تمتلئ بالعبارات مثل خدمة المجتمع لتحقيق الاهداف القومية¡ ثم تعبئة قوى الاعضاء والعمل على تحقيق الاهداف القومية للأمة العربية ونصرة قضاياها ورغم اننا لا نختلف حول هذه العبارات بشرط تحديد ما المقصود بكل منها¡اليس تخلص شعوب الأمة العربية من ميراث الاستبداد الذى يثقل كاهلها منذ عقود وتسبب فى تخلفها هو هدف قومى للأمة العربية مثلا أم أن الأهداف القومية هى تعبئة الجماهير خلف الزعيم الملهم تارة و المؤمن تارة أخرى فى سرادقات الاحتفالات بانتصارات مزعومة أو العزاء فى هزائم هم المسؤلون الأوائل عن حدوثها¡ وعامة فإن ذلك بالتأكيد ليس الغرض الجوهرى الذى يسعى المعلمين من أجله لتشكيل نقابتهم فالاصل هو الدفاع عن حقوق المعلمين ورعاية مصالحهم¡العمل على تحسين شروط وظروف العمل ..الخ إذ كيف أستطيع أن أسهم فى الدفاع عن الأهداف القومية بينما لا أستطيع أن أدافع عن حقوقى ومصالحى!!.
أما الباب الثانى فيتكون من اربعة فصول¡ الفصل الأول بعنوان عضوية النقابة ويحدد اربعة شروط لعضوية النقابة¡وفى هذا الصدد لنا مجموعة من الملاحظات:
1- فى الفقرة (أ) يفتح الباب لضم غير المصريين للنقابة سواء عرب أو أجانب¡ وفى هذا خلل سببه فى الحقيقة فلسفة القانون التى تنطلق من تضييق حق تشكيل النقابات وقصرها على نقابة واحدة تقوم الدولة بإنشاءها¡ وبالتالى فالعاملين فى نفس المهنة من الأجانب كيف يمكن لهم إقامة تنظيمهم النقابى!!¡ لهذا نقع فى هذا المطب¡ نقابة مصرية تضم فى عضويتها غير المصريين!!.
2- فى الفقرة (ج) يحدد القانون ان يجب أن يكون العضو محمود السيرة حسن السمعة وهو شرط ضرورى يحتاج فقط لمعيار موضوعى لقياسه¡ كنا نتصور أن الفيش والتشبيه الذى يتم استخراجه من وزارة الداخلية¡ هو المقياس الموضوعى غير أن العبارة التى أضيفت والتى تقول وألا يكون قد صدرت ضده أحكام جنائية مخلة بالشرف..إلخ جعلت الفيش والتشبيه له غرض اخر بينما إبداء الفرد أنه محمود السيرة حسن السمعة يحتاج لبرهان أخر وهذا يفتح الباب لغياب التقدير الموضوعى.
نأتى للمادة 4 وتنص على أن العضوية إجبارية بالنسبة للعاملين فى مهنة التربية والتعليم وهى تتناقض مع المبدأ الأساسى أن
الانضمام للنقابة حق طوعى
وعلى الرغم من نص المادة الإجبارى والذى نرى أنه يمثل انتقاص من حق المواطن فى الانضمام أو عدم الانضمام لنقابة ما¡ إلا أننا نجد للغرابة فى المادة 6 حول تشكيل لجنة للقيد فى جدول القيد لأعضاء النقابة ويقول النص وعلى اللجنة أن تصدر قرارها خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديم طلب القيد إليها¡ وفى حالة الرفض يجب أن يكون القرار مسببا ¡ كيف تكون العضوية إجبارية بنص القانون لمن يعمل فى المهنة وفى نفس الوقت عليه أن يتقدم بطلب¡ أليس مجرد قبوله للعمل فى المهنة يترتب عليه وفقا لنص القانون عضويته بالنقابة!! ولكن فى الحقيقة السبب هنا هو أمرين الأول أن مجرد قبولك العمل فى المهنة سيترتب عليه بدء الخصومات المتعلقة باشتراك النقابة¡ أما أن تنال الخدمات المترتبة على ذلك فيتعلق بطلب ودمغات وشئ لزوم الشئ ولعل هذا هو السبب أن الالاف من العاملين فى التربية والتعليم والذين يدفعون اشتراك النقابة بانتظام¡ محرومون من حقهم فى الترشيح والانتخاب وكافة الحقوق الأخرى¡ وهذا التباطؤ فى إصدار الكارنيهات والعراقيل التى يتم وضعها أمام من يرغب فى الانضمام ليحصل على حقوقه.